رجب شهر الله المطهر

“اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان”

 
 
 

هكذا كان دعاء رسول الله ﷺ عند رؤية هلال رجب ، وما ذاك إلا تعظيماً لتلك الأشهر الثلاثة المتتابعات والتي تبدأ بشهر رجب و تختم بشهر رمضان

 
 
 

و سمي رجب من الترجيب أي التعظيم ، فهو من الأشهر الحرم ، و هو من الأشهر التي تهيئ الإنسان لاستقبال رمضان ففي رجب تحصل التخلية و في شعبان تكون التحلية و في رمضان يمن الله عليه بالتجلية و هي التي تجعل رادار المرء مهيئاً لاستقبال أنوار و بركات شهر رمضان

 
 
 

فكم من صائم في رمضان ليس له من صيامه إلا الجوع و العطش لأنه لم يسبق هذه العبادة بتوبة نصوح في رجب و لم يشتغل بتأهيل نفسه على العبادة و الطاعة في شعبان فيأتيه رمضان و هو غير مستعد لذلك الكم الهائل من الأنوارالقدسية و الرحمات الإلهية فيقضي رمضانه في التوبة و قد سبقه إليها السابقون أو يبقى على غفلته و يكون ممن يصوم فيجوع و يعطش فقط

 
 
 

هكذا فهم أولو الألباب هذه الرابطة الوثيقة بين رجب و شعبان و رمضان لذلك اجتهدوا فيها و شمروا عن سواعدالجد

 
 
 

بالإضافة إلى أهمية شهر رجب لارتباطه بشهر رمضان فإن أهميته تزداد باعتباره رابع الأشهر الحرم التي حث الإسلام على تعظيمها و الازدياد من العمل الصالح فيها

 
 
 

{ ذلك و من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } الحج ٣٢

 
 
 

إن هلال شهر رجب لا شك هو دعوة ربانية للتوبة الصادقة و تصحيح المسار و الكف عن ارتكاب المحرمات

 
 
 

{ و من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه } الحج ٣٠

 
 
 

فهذا شهر الله الحرام ، يحرم فيه ما يحرم في غيره إلا أن العقاب فيه أكبر و الثواب فيه أعظم

 
 
 

{ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات و الأرض فلا تظلموا فيهن أنفسكم } التوبة ٣٦

 
 
 

فقد قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية : “إن الله اختص من الأشهر أربعة أشهر، جعلهن حراما و عظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهاأعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم “.

 
 
 

{ فلا تظلموا فيهن أنفسكم } فالظلم أعظم خطيئة و أشد وزراً في هذه الأشهر، و ظلم النفس يكون بكثرة الذنوب و اعتيادها و الغفلة عن التوبة و الاستغفار ،فهذا الظلم يستوجب التوبة ، و الباب مفتوح والصلحة مع الله بلمحة ، كل ما يحتاجه المرء صدق العزم وإدراك الذنب و الاستغفار منه.

 
 
 

في رجب يكثر الاستغفار و تتضرع القلوب إلى الله باسمه اللطيف ، كما يسن فيه ما يسن في غيره من الاكثار من الصيام و الصدقات و الصلوات و التلاوات و مجالس الذكر.

 
 
 

لقد شاهدت من عبادات أهل الله في هذه الأشهر ما جعلني أدرك أن العطاءات الإلهية لا شك تختلف باختلاف الإقبال على الله في الأوقات الفضيلة و أن الجنة عروس مهرها النفوس و أن لا جنة في الدنيا إذا لم يكن الطريق سالكاً بين العبد و ربه

 
 
 

قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ” إن لربكم ﷻ في أيام دهركم نفحات ، فتعرضوا لها ، لعل أحدكم أن تصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً”

 

هنيئاً لمن كانت له صحبة كريمة و إخوة بالله يعينونه على كثرة الطاعات من صلاة و صيام و صدقة و قيام ليل و تلاوة للقرآن و مذاكرة لحديث رسول الله ﷺ في هذا الشهر المبارك.

 

 

 

أما من يدعي أن تلك العبادات و القربات هي بدع فنتركه لبدعه التي تقف عائقاً بينه و بين ربه فما كان لطاعة لها أصل ثابت في الدين تؤدى بشكلها الصحيح أن تكون بدعة ، لأن التقرب إلى الله مشروع في كل الأوقات و هو في هذه الأشهرالمباركات أوجب .

 

في رجب كانت رحلة الإسراء و المعراج التي أثلجت قلب رسول الله ﷺ و كلمه فيها ربه ﷻ بعد سنوات طويلة من المعاناة و الألم كان آخرها عام الحزن و رحلة الطائف …. يتبع